مباني فقه العلاقات الدولية، السيد محمود علوي، دار نشر أميركبير، ١٤٠٢هـ.ش، ٢٣٤ صفحة.
يُعدّ هذا الكتاب من أوائل المحاولات لتأليف نصوص فقهية تتعلق بفقه العلاقات الدولية.
في مستهل الكتاب، وبعد كلمة تمهيدية قصيرة، يُشار إلى دور العلاقات في حياة البشر، ثم يُعرّف العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، ويُطرح رأي الإسلام فيهما، ثم يمرّ مروراً سريعاً على المذاهب المعروفة في مجال السياسة الخارجية.
في القسم التالي، يُجرى استعراض للخلفية القرآنية للموضوع، مع تجنّب التوسع في تفسير الآيات تفصيلاً – كما يقول المؤلف – حتى لا يتحول الكتاب إلى بحث قرآني واسع يبتعد عن موضوعه الأساسي (المباحث الفقهية في العلاقات الدولية). ومع أن ذلك قيّم في محله، فإن القسم يكتفي بشرحٍ اجتهادي موجز، ويسعى لتقديم صورة عن نظرة كلام الله إلى علاقات المسلمين ببعضهم وبغيرهم، لتهيئة الأرضية الذهنية للنقاش.
كما يُناقش موقف القرآن من العهد والميثاق كنقطة تمهيدية أخرى، من زاوية كلية، ويُبرز اهتمام الدين الإسلامي المقدس بالعهد والوفاء به وجوباً، ليُمهّد بذلك للحديث عن قاعدة «أصالة اللزوم في العقود».
في مناقشة هذه القاعدة، يُركّز أولاً على مكانتها في مسار الفقه والاجتهاد واستناد الفقهاء إليها في أبواب مختلفة، مع تتبع نماذج، ثم يُلقى نظرة على مدى شمولها. وفي هذا السياق، يُتأمل في شمولها للمعاملات والعقود غير المنطوقة وغير المكتوبة (التي تتم بالمعاوضة فقط)، وتُستعرض الأدلة وآراء العلماء – وبخاصة الإمام الخميني (قده) – ويُقبل في النهاية رأيه، مما يوسّع نطاق القاعدة بشكل ملحوظ.
وفي مقام إثباتها بهذا المدى الموسّع، يُتناول الأدلة الإثباتية (قرآن، روايات، استصحاب، وبخاصة بناء العقلاء)، ويُعتبر – استناداً إلى رؤية الإمام الخميني – أن بناء العقلاء هو الدليل الأقوى والأكثر قبولاً، والبقية مؤيدة ومصدقة له.
وفي الاستدلال بالآيات – سواء في هذه القاعدة أو غيرها – يُراعى علم الكلمات، آراء المفسرين، واستخدام الفقهاء الكبار لها. أما في الروايات، فيبدأ ببيان كيفية نقل الحديث في المصادر الشيعية والسنية، ثم تقييم السند ومعرفة الرواة ودرجة صحته، ثم علم الكلمات. وفي الختام يُذكر نماذج من عهود النبي (صلى الله عليه وآله).
بعد إثبات هذه القاعدة وصحتها، يُبحث موقف الإسلام من الاتفاقيات الدولية، ويُطرح بشكل عام معيار صحتها في الإسلام، ومرجع إجازتها ورسميتها من المنظور الإسلامي، ثم يُستعرض مسار الإجازة والتصديق والتبادل في الجمهورية الإسلامية الإيرانية استناداً إلى مواد الدستور.
في القسم التالي، يُرسم الجغرافيا السياسية للعالم من منظور الإسلام، وتُناقش أهم العهود الدولية في الفقه، مثل: عقد الأمان، عقد الذمة، وعقد الهدنة.
ثم تُناقش قاعدتان فقهيتان أخريان: «أصالة اللزوم في العقود» و«نفي السبيل». يُثبت صحتهما أولاً بالآيات والروايات وسائر الأدلة (كتسالم الأصحاب وتناسب الحكم والموضوع)، ثم يُبحث مداهما، وتطبيقات الفقهاء لهما، ودورهما في الفقه الحكومي، وتأثيرهما في هذا المجال، ثم ظهورهما في فتاوى الفقهاء – وبخاصة الإمام الخميني – ودورهما في تشكيل المبادئ التي تضمن استقلال البلاد في دستور الجمهورية الإسلامية، مع استعراض نماذج تطبيقية في القرن الأخير.
وفي القسم التالي، تُناقش قاعدة «نفي العسر والحرج» بنفس المنهج، ومداها، وتأثيرها على الأدلة الأولية، ثم يُختتم الكتاب بتلخيص المباحث، وتقديم الخطوط العامة للسياسة الخارجية والعلاقات الدولية في النظام الإسلامي استناداً إلى ما سبق.
يُعدّ هذا الكتاب – كخطوة أولى في معالجة مباني باب فقهي ناشئ – عملاً قيماً؛ وإن كان يمكن اعتبار نقاط مثل الخلط بين «المبنى» و«القاعدة»، قلة ذكر القواعد الفقهية، عدم بيان الافتراضيات الخاصة بهذا الباب، وعدم الفصل الواضح بين المباني الكلامية والفلسفية والقرآنية والحديثية وغيرها من نقاط الضعف فيه.
