أمين الله أميني

الحكم الشرعي في الحفاظ على الموارد الطبيعية من منظور الفقه الإمامي/7

وفقاً لتقرير منظمة الغابات والمراعي وأحواض الأنهار، يتم تدمير أكثر من ٤٠ ألف هكتار من غابات إيران سنوياً. انخفضت مساحة غابات شمال البلاد في الخمسين عاماً الماضية من ٣.٦ ملايين هكتار إلى أقل من ١.٨ مليون هكتار. وقد ازدادت شدة هذا الانخفاض في مساحة الغابات في السنوات الأخيرة، حتى إن بعض التوقعات تحذّر من أنه إذا استمر هذا الاتجاه، فإن غابات شمال البلاد ستختفي تماماً خلال ٢٠ عاماً قادمة.

إشارة: إن تدمير الموارد الطبيعية يترتب عليه آثار سلبية كثيرة، وطالما لم يكن هناك وعي بهذه الآثار، فلن يُفكَّر في تدابير لمنعها. ويجب التفكير في هذه التدابير من الجانب التنفيذي ومن الجانب المعرفي على حد سواء. وللقيام بالتدابير المعرفية في سبيل منع تدمير الموارد الطبيعية في علم الفقه، تناولنا في تقرير حالة تدمير الموارد الطبيعية في إيران. ويمرّ عليكم تفصيل هذا التقرير:

تُعدّ الموارد الطبيعية أغلى وأساسية رأس مال كل بلد، وتشمل الغابات والمراعي والموارد المائية والتربة والتنوّع البيولوجي، وتلعب دوراً حيوياً في حفظ البيئة والتنمية المستدامة. إيران، بسبب موقعها الجغرافي الخاص وتنوّع مناخاتها، من البلدان الغنية بالموارد الطبيعية. ومع ذلك، فإن حالة الموارد الطبيعية في إيران في السنوات الأخيرة تواجه تهديدات خطيرة بسبب عوامل مثل النمو السريع للتحضّر، والتنمية الصناعية غير المتوازنة، والتغيّرات المناخية، وسوء الإدارة. إن تدمير هذه الموارد لا يؤدي فقط إلى أضرار بيئية، بل يسبب تهديدات اقتصادية واجتماعية وحتى أمنية. هدف هذا التقرير تحليل عوامل تدمير الموارد الطبيعية وتبعاتها، وتقديم حلول فعالة لمواجهة أزمة الموارد الطبيعية في إيران.

عوامل تدمير الموارد الطبيعية في إيران

إزالة الغابات وتدمير الغطاء النباتي

تلعب الغابات والمراعي في إيران، إلى جانب قيمتها الاقتصادية والاجتماعية، دوراً رئيسياً في حفظ التوازن البيئي للبلاد. تساهم هذه الموارد الطبيعية في تنظيم درجة الحرارة، ومنع تآكل التربة، وتنقية المياه، وحفظ التنوّع البيولوجي. ومع ذلك، فإن اتجاه إزالة الغابات في إيران يتزايد بسرعة. التغيّرات المناخية، والأنشطة البشرية، وسوء إدارة الموارد الطبيعية، أدت إلى تدمير شديد لهذه الموارد.

عوامل إزالة الغابات: توسّع المناطق الحضرية والصناعية: زيادة السكان وتطوير المدن، خاصة في المناطق الشمالية والغربية من البلاد، أدى إلى تغيير استخدام الأراضي الغابية إلى مناطق سكنية وصناعية وبنى تحتية للمواصلات. هذه التغييرات تسببت في فقدان مساحات واسعة من الغابات والغطاء النباتي الطبيعي.

الزراعة وتغيير استخدام الأراضي: تحويل الأراضي الغابية إلى أراضٍ زراعية، خاصة في المحافظات الشمالية والشمالية الغربية من إيران، أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض مستوى الغابات. الزراعة غير المنضبطة، خاصة زراعة المنتجات كثيفة استهلاك المياه واستخدام طرق الزراعة التقليدية التي تؤدي إلى تآكل التربة، أدت إلى تدمير أجزاء من النظام البيئي الغابي.

قطع الأشجار غير القانوني: قطع الأشجار لإنتاج الخشب والفحم ومنتجات غابية أخرى، خاصة في المناطق النائية، من المشكلات الأساسية في إيران. غالباً ما تتم هذه القطوع بشكل غير قانوني وغير مستدام، ولها تأثيرات سلبية كبيرة على التوازن البيئي للغابات.

الحرائق الطبيعية والبشرية: ارتفاع درجات الحرارة، والجفاف المتكرر، وعدم الاحتراز البشري في الصيف، يسبب حرائق واسعة في الغابات والمراعي. في كثير من الحالات، تحدث الحرائق عمداً أو بسبب إهمال السياح والمزارعين.

إحصاءات إزالة الغابات في إيران: وفقاً لتقرير منظمة الغابات والمراعي وأحواض الأنهار، يتم تدمير أكثر من ٤٠ ألف هكتار من غابات إيران سنوياً. انخفضت مساحة غابات شمال البلاد في الخمسين عاماً الماضية من ٣.٦ ملايين هكتار إلى أقل من ١.٨ مليون هكتار. وقد ازدادت شدة هذا الانخفاض في مساحة الغابات في السنوات الأخيرة، حتى إن بعض التوقعات تحذّر من أنه إذا استمر هذا الاتجاه، فإن غابات شمال البلاد ستختفي تماماً خلال ٢٠ عاماً قادمة.

التصحّر وانخفاض الموارد المائية

يُعدّ التصحّر أحد أخطر التهديدات البيئية في إيران. هذه الظاهرة الناتجة عن التغيّرات المناخية وسوء إدارة الموارد المائية ورعي الماشية المفرط، تتوسّع بشدة خاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة مثل سيستان وبلوشستان ويزد وكرمان. التصحّر لا يؤدي فقط إلى انخفاض إنتاجية الزراعة وفقدان التنوّع البيولوجي، بل يسبب أيضاً انخفاض جودة حياة السكان في هذه المناطق.

عوامل التصحّر: الجفاف والتغيّرات المناخية: إيران من البلدان التي شهدت أكبر التغيّرات المناخية في العقود الأخيرة. انخفاض الهطول المطري وزيادة درجة حرارة الهواء أديا إلى انخفاض الموارد المائية وتشديد اتجاه التصحّر. في كثير من مناطق إيران، تحولت الجفاف إلى أزمات بيئية.

الاستخراج المفرط من الموارد المائية الجوفية: أحد الأسباب الرئيسية للتصحّر في إيران هو الاستخدام المفرط للموارد المائية الجوفية. حفر الآبار غير المرخصة والاستخراج الزائد من الطبقات الجوفية يسببان انخفاض مستوى المياه الجوفية وفي النهاية هبوط الأرض.

رعي الماشية الزائد: زيادة أعداد الماشية ورعيها المفرط في المراعي الطبيعية يسببان تدمير الغطاء النباتي وانخفاض سعة المراعي. هذا الأمر يزيد من تآكل التربة وتشديد اتجاه التصحّر.

إحصاءات التصحّر: أكثر من ٣٠٪ من مساحة إيران معرّض للتصحّر. هذا المعدل أشدّ في المحافظات الجنوبية والشرقية من البلاد. هبوط الأرض، كأحد التبعات الرئيسية للاستخراج المفرط من الموارد المائية الجوفية، ازداد بشدة في محافظات أصفهان وطهران وكرمان.

تلوّث الهواء والماء والتربة

للتلوّثات البيئية تأثيرات سلبية كبيرة على الموارد الطبيعية وجودة حياة الناس. في السنوات الأخيرة، واجهت إيران أزمات مختلفة في تلوّث الهواء والماء والتربة، وتأثيراتها على صحة الإنسان والنظم البيئية واضحة.

تلوّث الهواء: استهلاك الوقود الأحفوري، وحركة السيارات العتيقة، والأنشطة الصناعية والزراعية غير المستدامة، من العوامل الرئيسية لتلوّث الهواء في إيران. المدن الكبرى مثل طهران ومشهد وأهواز وأصفهان، بسبب كثافة السكان والأنشطة الصناعية، تواجه في فصول مختلفة من السنة أزمات تلوّث الهواء. هذه التلوّثات تؤدي إلى أمراض رئوية وقلبية وسرطانية بين الناس. كما يمكن أن يؤثر تلوّث الهواء سلباً على الزراعة، خاصة في المناطق الملوّثة.

تلوّث الماء: دخول المخلفات الصناعية والزراعية والحضرية إلى الموارد المائية للبلاد أحد أهم أسباب تلوّث الأنهار والبحيرات. كثير من أنهار إيران مثل زاينده رود وكارون انخفضت جودتها بشدة بسبب التلوّثات الصناعية والزراعية. جفاف بحيرة أرومية، وانخفاض مستوى المياه في أهوار الهور العظيم وشادغان، وتلوّث الموارد المائية بسبب استخدام المواد الكيميائية في الزراعة، من التبعات الخطيرة لتلوّث الماء في إيران.

تلوّث التربة: الاستخدام المفرط للأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية والتغيّرات في نمط الزراعة، خاصة في الأراضي البعلية، أدت إلى انخفاض جودة التربة وفقدان الكائنات الحية الدقيقة المفيدة فيها. هذا الاتجاه يسبب انخفاض إنتاجية الزراعة ويهدد الأمن الغذائي في بعض المناطق.

تبعات تدمير الموارد الطبيعية في إيران

أزمة المياه وزيادة التوترات البيئية

تحوّل انخفاض الموارد المائية في إيران إلى أحد أكبر الأزمات البيئية. في كثير من مناطق البلاد، خاصة في المحافظات الجنوبية والوسطى، توجد توترات مائية شديدة. انخفاض مخزون المياه السطحية والجوفية، وهبوط الأرض، والأزمات البيئية مثل جفاف البحيرات والأهوار، تشكل تهديدات خطيرة للزراعة والصناعة والحياة اليومية للناس.

زيادة الكوارث الطبيعية

تدمير الموارد الطبيعية أدى إلى وقوع كوارث طبيعية متعددة. تآكل التربة وفقدان الغطاء النباتي في مناطق مختلفة شدّد وقوع الفيضانات والانهيارات الأرضية. هذه الكوارث الطبيعية لا تؤذي البنى التحتية فقط، بل تشكل تهديداً خطيراً لحياة الناس.

التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية

تدمير الموارد الطبيعية يؤثر مباشرة على قطاعات اقتصادية مختلفة. انخفاض الإنتاج الزراعي، وفقدان القدرات السياحية الطبيعية، وزيادة التكاليف الصحية الناتجة عن التلوّثات، والهجرات الناتجة عن الأزمات البيئية، ترتّب تبعات اقتصادية سلبية كثيرة. زيادة البطالة في المناطق الريفية والضغط على المدن من المشكلات الاجتماعية الناتجة عن تدمير الموارد الطبيعية.

الحلول المقترحة لمواجهة تدمير الموارد الطبيعية

إصلاح السياسات الإدارية

منع تغيير الاستخدام غير المصرّح للغابات والمراعي: إدارة أدقّ للموارد الطبيعية ورقابة أقوى على تغيير استخدام الأراضي. تنفيذ برامج إحياء الغابات والمراعي: دعم مشاريع إحياء الغابات ومكافحة إزالة الغابات من خلال برامج حكومية وقطاع خاص.

استخدام التقنيات الحديثة

تطوير أنظمة الري الحديثة: استخدام أنظمة الري بالتنقيط وتقليل استهلاك المياه في الزراعة. توسيع الطاقات المتجددة: استخدام الطاقة الشمسية والريحية بدلاً من الوقود الأحفوري لتقليل تلوّث الهواء ومواجهة التغيّرات المناخية.

التعليم وبناء الثقافة العامة

التوعية على مستوى المجتمع: إقامة دورات تعليمية وحملات إعلامية لرفع مستوى وعي الناس بأهمية حماية الموارد الطبيعية. تشجيع استخدام وسائل النقل العام: ترویج استخدام وسائل النقل العام لتقليل الازدحام المروري وتلوّث الهواء.

تعزيز التعاونات الدولية

التعاون مع المنظمات العالمية: التعاون مع المنظمات البيئية والمؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة لمواجهة التحديات البيئية العالمية. جذب الاستثمارات للمشاريع البيئية: تشجيع الاستثمارات الأجنبية والداخلية للمشاريع الحمائية وإحياء الموارد الطبيعية.

الخاتمة

تحوّل تدمير الموارد الطبيعية في إيران إلى أزمة بيئية واجتماعية واقتصادية، وإذا استمر الاتجاه الحالي فسيكون له تهديدات لا تُعوَّض لمستقبل البلاد. ومع ذلك، باتخاذ سياسات إدارية صحيحة، واستخدام التقنيات الحديثة، ورفع الوعي العام، وتعزيز التعاونات الدولية، يمكن منع هذه الأزمة وحفظ موارد البلاد الطبيعية للأجيال القادمة.

Source: External Source