مدير معهد البحوث الفقهية والقانونية التابع لمعهد بحوث العلوم والثقافة الإسلامية يصرح؛

ملحوظة: على الرغم من أن مقاصد الشريعة قد نوقشت في الفقه السني لعدة قرون، إلا أنها ليس لها تاريخ كبير في الفقه الشيعي. وإن وجود أدلة مثل الاستصلاح في الفقه السني، وانتقالها إلى الفقه الشيعي قد واجه صعوبات وافتراءات. ولذلك يبدو أن الذين يؤمنون بنظرية الإستصلاح ومقاصد الشريعة يحاولون أيضاً الكشف عن معناها بعبارات أخرى، تعبيرات مثل ذوق الشريعة. وقد شارك الاستاذ سيف الله صرامي في البحث في مجال المبادئ الجديدة والقضايا الفقهية لسنوات عديدة. وتحدثنا معه عن مقتضيات الاستدلال بمقاصد الشريعة. إلا أن مدير معهد البحوث الفقهية والقانونية التابع لمعهد بحوث العلوم والثقافة الإسلامية لا يرى أن مقاصد الشريعة صحيحة إلا في القرارات الحكومية. اما تفاصيل الحديث مع هذا الأستاذ والباحث في حوزة قم تأتيكم كما يلي؛

ما طبيعة المقاصد الشرعية وكيف تختلف عن المقاصد المرسلة والاستصلاحية؟

أولا، اسمحوا لي أن أذكر مقدمة ونقطتين للإجابة على السؤال. وفي رأيي أن مشاكل الفقه المعاصر ليست إلى درجة أنها لا بد من تغيير الأدلة الفقهية في الأصول الفقهية القائمة من البداية لحلها. وعلى الأقل يجب أن يكون الشخص محايداً ويتعامل مع الأدلة والأسس بحيادية ودون أحكام مسبقة. وليس بالضرورة أنه بما أن القضايا جديدة، فإن الأدلة والأسس يجب أن تكون جديدة أيضًا. وطبيعة القضايا الأساسية عامة ويجب تطبيقها في جميع الفصول. نعم يمكن للفقيه مثلا أن يعتبر الاستصحاب التعبدي والحديث خاصا بباب معين٠

هنا يمكن القول أنه كلما تغيرت القضايا، يجب أن تتغير وسائل الاستنبتط بها. والمشكلة جديدة ولا يمكن حلها بالعموميات والاطلاقات. ولم تكن هذه المقترحات صالحة في ذلك الوقت. ويضربون مثالاً أنه في الماضي كانت المركبة عبارة عن عربة، أما اليوم فقد وصلت مركبات جديدة، وطريقة استخدامها وإصلاحها تختلف عن طريقة العربة٠

تعتبر هذه الطريقة مغالطة. وهذا التشبيه غير صحيح؛ لأننا في الفقه نتحدث عن سلوك الإنسان الذي لا يخرج عن الأحكام الخمسة. بالطبع، هناك أيضًا قواعد للحالة، لذا فهم من نفس الجنس. كما أن أصول الفقه تسعى إلى ذلك وتريد أن تجيب في نفس الوقت. والعربة والسيارة شيئان مختلفان وليس لهما نفس الجنس، لكن موضوع الفقه هو السلوك الإنساني الذي لم يستثنى دائما من هذه القواعد الخمسية. وتريد أصول الفقه استنتاج هذه الأحكام، سواء كان ذلك على الإنترنت أو ركوب حمار أو سيارة كهربائية، وهذا الحكم فريد من نوعه. نعم، خلال حوالي 270 عامًا من وجود حضور المعصوم، كانت لدينا قضايا جديدة وأحكام جديدة، إما في شكل إبلاغ أو تشريع جديد. فحتى لو كان لدينا مثلاً 50 عاماً من حضور المعصوم، فإن أصول الفقه لن تتغير. ومن المؤكد أن أصول الفقه تتطور في قالب الفقه، ولكن هذا لا يعني أن الأدلة في المبادئ أو حل المشكلة في وقت معين أو مشكلة معينة لا تعمل. ولا يقتصر على وقت معين ولا يقتصر على قضية معينة. فإن أصول الفقه تتطور، لكن هذا لا يعني التغيير. فإن الخبر الواحد والاستصحاب ليسا ملزمين بوقت وقضية محددة ولا يجب أن يتغيرا بالضرورة. ولذلك فإن الأصل هو أنه يجب علينا أن نأخذ الأساس ثم ندخل في الفقه، ثم، إذا لم تحل المشكلة، يجب أن نفكر في امرآخر٠

دعونا نناقش مقاصد الشريعة

النقطة الأولى: يمكن الاستفادة من مقاصد الشريعة في موضعين

ج: بصفته يستدل بالأحكام الشرعية التي يريد إسنادها إلى الشرع كدليل٠

ب: بصفة إصدار حكم حكومي من فقيه شامل للأحوال أو حكومة إسلامية شرعية لاستخدامه في صفة الحكم، وهذا يشمل التشريع. وجميع قرارات وسلوكيات الحكومة الإسلامية هي جزء من أمر الحكومة. وفي السلطات الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية، وحتى الإقالة والتثبيت، كلها تصدر وفق مقاصد الشريعة الإسلامية ومقتضياتها٠

ففي الحالة الأولى، لا نعتبر مقاصد الشريعة حجة، لكن في الحالة الثانية، الفقيه والحكومة الإسلامية، في منصب الإدارة والحكم، يمكن أن تكون النوايا حجة له٠

النقطة الثانية: الأصالة لها عدة معانٍ. وأحياناً يكون خاصاً بالمبادئ، وهو ما يتعلق بالحجج والإمارات، وأحياناً يكون له معنى منطقي، صغير وكبير، قد يكون قاطعاً أو مشبوهاً أو وهمياً أو حتى مغالطة. ولا ينبغي الخلط بين الاثنين. وفي كلام القطع يختلف صحته عن صحة الخبر المفرد. وأما الانقضاء فإنه يصل إلى أحد الأحوال المذكورة حسب الشروط أو الأسباب. والتفسير الصحيح للطبيعة الأصيلة لدليل الانقضاء هو نفسه، وهو ما لم تنص عليه الشريعة.

لكن بالنسبة لسؤالك الأول فلا بد من القول: إن مقاصد الشريعة في الأصل لا محل لها كمعيار وسبب لاستنباط الأحكام في أصول الفقه الإمامي، ولم تذكر إطلاقاً، لأنه مريب وهناك نقص عام في صحة الشبهة. نعم إذا كانت النية قطعية ووجد الفقيه في موقف استنباط الحكم قطع في الحكم الشرعي منه فيمكن إثبات صحة القرار، وهي ليست نقطة جديدة وقد ذكرها في النقطة الثانية. هنا، من المؤكد أن الأهداف يمكن العثور عليها بأي شكل من الأشكال، والأهداف ليست ذات صلة. فمثلاً، إذا كان الفقيه على يقين بأن العدالة من مقاصد الشرع، أو أن وجود حق المؤلف هو أحد الأمثلة القطعية للعدالة، فيجب مراعاته. فهذا فيما يتعلق بالقطع٠

لكن الجانب العلمي لمادة الرسالة في أصول الفقه السني متأصل في مناقشة القياس، الذي يمتد الحكم من الأصل إلى الفرع. وكذا الحال في الاستصلاح والمصلحة. وعلميا واصطلاحا، فإننا ننشر العلية المحصلة من القياس أو وجود سبب لصحتها إلى المواضيع الأخرى التي يوجد فيها السبب. وأحيانا يكون سببا لعدم صحته وأحيانا يكون مجانيا ولا يوجد سبب لصحته أو عدم صحته. صحة التصحيح ومضمون الرسالة يعتمد على ما إذا كان السبب الذي تعتبره دليلاً على صحته أم لا. وهذا لا يقبله جميع أهل السنة، ولا يؤيده جميعهم. وسبب تقديمهم هو أننا إذا اعتبرنا شبهة تلك المصلحة التي لا دليل على صحتها دليلاً على الحكم، فهذه شبهة وليس حجة٠

لم يفت أحد من الشيعة على مقاصد الحكم الشرعي بجمع عدة مسائل ويقول إن هذه المسائل كلها لها غرض واحد، وهذه المسألة مبنية على تلك المقاصد. وطبعاً في الحكم كل الفقهاء يطرحون المصالح، لأن مناقشة الولاية تتعلق بالمصلحة. وفي جميع الولايات الصغيرة والكبيرة، على سبيل المثال، في حالة الولي، يجب عليه الحيازة على أساس المصلحة، وبما أن الغرض هو حماية المال والمصلحة كذلك، فإنه يتم التصرف في معاملاته على أساس المصلحة. والمصلحة. وليس من الضروري ملاحظة مصلحة معينة، ولكن قد يحدث شيء وتضيع الملكية، لكن الهدف هو ملاحظة النفعية ولا ينبغي بالضرورة أن تكون مربحة، ويكفي أنه نافع وأن يظن أنه نافع٠

هل تعرف أن كلمتي “ألمقاصد” و”المصالح” هما نفس الشيء؟

الأهداف تغطي المصالح. والقاعدة الأولى في إصدار الحكم الحكومي على أساس المصالح هي أن المصالح يجب أن تكون ضمن المقاصد العامة للشريعة. والأهداف العامة هي أمور مثل تنمية العدالة الاجتماعية، والرفاهية العامة للشعب، والنظام الاجتماعي، والأمن العام، وتنمية وتعميق تدين الناس، وتنمية ثقافة الاستشهاد، وما إلى ذلك. ويجب على الحكومة الإسلامية أولاً أن تحدد وتنظر في الأهداف العامة ثم تتعامل مع الحكومة. أولاً: تحديد الأهداف ووضع القواعد فوق رأس القانون، وعلى السلطات أن تقرر على أساس ذلك. واليوم يتم تفسير ذلك على أنه السياسات العامة للنظام٠

ما هو الدليل على حجية المقاصد؟

على فرض أن الشرع المقدس، لكي يستنبط أحكامه الشرعية، قد اعتبرالمقاصد تعبدية في مكان ما، فسيكون ذلك بحسب ما ذكرناه في المقدمة. لكن ليس لدينا مثل هذه القضية التي لها حكم صحيح، مثل الخبر الواحد. انا شخصيا لم أجد مثل هذه الحالة، لكن لدينا ما يثبت صحة الحكومة وصدور المراسيم الحكومية. وأفضل سبب هو أن الشريعة عندما تعطي الولاية لشخص ما وتعبر عن أهدافها من الحكومة (وجميعها مفروضة في حالة ولاية الفقيه والحكومة الإسلامية)، فإن المصلحة تكون مناسبة عندما توفر تلك الأهداف . وفي هذه الحالة، إذا كانت المادة ليست من طبيعة الأغراض، فهي غير صالحة على الإطلاق من الناحية الشرعية. ومن ناحية أخرى، فإن الحكم على أساس الأهداف والغايات المشروعة وعلى أساس النفعية لن يكون إلا الامتثال لطبيعة الأهداف في المصالح٠

في الأحاديث حالات يحكم فيها الإمام بالنية. ألا يمكن أن تكون هذه الحالات دليلاً على صحة المقاصد؟

إذا كانت هذه الحالات موجودة وغير قطعية، وإذا اعتبرنا الإمام هو داعية الشريعة وليس الشريعة وغيرها من حالات “اذا”، فيمكن أن تكون حجة، ولكن مثل هذه الحالات التي أثيرت لها الكثير من الاعتراضات والأحوال فقدت مصداقيتها. والبعض لا يقبل هذه الحالات كمعيار في عملية الاستدلال ويكتفى بطرح مسألة التفضيل بين سببين أو يقول بوجوب اعتبارها في منهج الفقيه في الاستدلال، كالعدالة المركزية التي ينبغي مراعاتها في الاستنباط كحكم فقهي. فإذا كان محددا، فلا يكفي أن يكون يقينا، بل يجب أن يكون الغرض يقينا، ويجب أن يكون يقينا أن سبب الحكم يقيني أيضا. أي تأكد أن سبب الحكم هو هذه الوجهة فقط على سبيل المثال. أما في حالة التأليف فيجب التأكد من أنه يقوم على العدالة فقط. فإذا كان هذا مؤكداً فلا خلاف بين أحد. فالنقاش يدور حول صحة الأصول التي تصح فيها شبهات الفقهاء في حالات النيات وهذا يكفي٠

هنا يمكن القول أن الفقهاء كانوا يعرقلون في حالات مواجهة التكنولوجيا، وكانت هذة العرقلة بسبب نيتهم، مثلا عارضوا التلفزيون والراديو، أو اعتبروا الميكروفون قرن شيطان، أو أفتوا بحرمة استخدام الإنترنت فائق السرعة. ويبدو أن كل ذلك كان بغرض عدم رضا الشرع عن هذا الأمر٠

انا لا أقول أنه لم يحكم أحد بناء على مصالح الاستنباط، ولكن أقول أنه لا له حجية. هذه الأمثلة بها عيوب. فعلى سبيل المثال، لم أر أنه كان هناك بالفعل مثل هذه الحالة لفقيه يتعامل مع هذه القضايا. نعم قد يبدأ منبر مخالفا لمنبر ويتبعه بعض الناس، لكن في تاريخ الحوزات العلمية وممارسة علماء النجف وقم، لم نراهم يعتبرونها مشكلة كالاستحمام في الحمام. ولم نر حالة يواجه فيها العلماء التكنولوجيا ولا يركبون السيارات ولا يستخدمون الملاعق والشوكات. وطبعاً يذكر في السنة، لكنه غير مؤكد بالطبع. لو كان الأمر كذلك، لبان و اشتهرقطعا٠

لذلك لا أرى أي دليل على صحة مقاصد الشريعة دليلاً على استنباط الحكم الشرعي٠

حسب قولك أن هناك تداخلا بين الأهداف والمصالح، فإن المصالح أيضا ترجع إلى حكم العقل وأساسه الخير والشر والعدل والظلم. وإن المحافظة على النظام الاجتماعي والعدالة الاجتماعية كلها عودة إلى الخير والشر وحكم العقل. وبناءً على ذلك، لماذا لا تدخل هذه الأمور كدليل على مقاصد الشريعة؟

إذا كان حكم العقل شبهة فلا يكون حجة، ولا يثبت إلا إذا كان يقينا. بالطبع، قبلنا كلامك حول الحكم. إذا قبلنا سبب العرقلة ووصلنا إلى شبهة آقوی برأي الخبير فكلامك صحيح، لكن عموماً رأي الخبراء مبني على الشبهة وغير مؤكد. وفي مجال الحكم حكم العقل هو الدليل، والسبب وراءه هو الدليل. والسبب هو نفس سبب الانسداد٠

لكن بالنسبة لسلطة استنباط الأحكام، حيث لا يوجد غرض للإثبات، فإن الحديث عن التحدي والقاعدة التي سألت عنها لا معنى لها أيضاً. وبطبيعة الحال، في حالة الحكم، اقترحنا بعض قواعد تمييز المصالح في كتاب المصادر التشريعية، بحيث يدخل ضمن العناوين العامة للشريعة، وأصبح ذا أهمية٠

بالنظر إلى صحة ذوق الشارع عند فقهاء الشيعة وتشابهه مع مقاصد الشريعة، فهل يمكن أن يكون ذلك دليلا على صحة مقاصد الشريعة؟

أولاً، هذا السؤال خاطئ في الأساس. ولم يقل أي فقيه في أي مكان أن ذوق الشريعة كحكم الخبر الواحد. وتمسكهم بذوق الشريعة يرجع إلى أنها ثابتة. فمثلا يذكر المرحوم السيد الخوئي يشترط التقليد من رجل ويقول لا دليل على ذلك، لكن عندما أتابع الأحاديث بحسب الأحاديث والفقه الموجود في رأيي (هذا المعنى مؤكد) ) الشرع لايرضى بتقليد الامرأة وقد سمى هذا بذوق الشريعة. هذا العمل يسمى القطع. يعني ذوق الشريعة من مجموعة الدراسات والمجموعات التي عندي عن الشريعة. فبالنظر إليهم مثلا، أخلص إلى أن المرأة لا ينبغي أن تكون مرجع للتقليد، مع أنه لا يوجد سبب لمنع ذلك. وهذا مثال للانقطاع، ولم يعطوه طعم الشرع، وهو دليل على صحته من الكتاب والسنة. وهذه هي الحالة التي يصل إليها الفقيه بعد أن يقضي عمره في الفقه٠

ثانيًا؛ وليس هذا سواء بين ذوق الشريعة ومقاصد الشريعة. وحتى لو كان له رأي فهو غير صحيح. وفي بعض الأحيان قد يتداخلون ويفهمون بعض الأذواق من النوايا، لكن الأمر ليس كذلك. وأحياناً تكتسب نكهة الشريعة من اتباع الأحكام الجزئية ومن جمعها. أما إذا لم تكن واحدة فلا يمكن أن ينسب إليها حجية المقاصد٠

هذه المقالة جزء من ملف “الأدلة الجديدة في الفقه المعاصر” وسيتم إعدادها ونشرها بالتعاون مع شبكة الاجتهاد٠