أستاذ البحث الخارج في حوزة أصفهان العلمية

مع كل الاحترام الذي أكنه لهؤلاء الفقهاء ومع كل الاعتراف بجهلي بالفقه، أعتقد أنه حتى في البث المباشر، تصل الصورة التي تشاهدها إنت من خلال الكاميرا والنقل السريع والمستمر للصور المأخوذة من مشهد ما، مثل المصارعة، وبالتالي يجب أن يكون لها نفس حكم رؤية صورة أو فيلم تم التقاطه مسبقًا، ولا يمكن اعتبار هذا الفيلم الذي يبث في نفس الوقت من ملعب رياضي نظرة مباشرة وفورية لجسد الرجل. ولعله لو تم شرح تقنية التصوير والفيلم بوضوح لهؤلاء الفقهاء المحترمين، لما رأوا فرقًا بين الفيلم الحي وغير الحي من حيث الحرمة أو عدم الحرمة٠

ملاحظة: إن تقليص قضية الحجاب وقضية التباهي أو الستر غير اللائق إلى حجاب المرأة وملابسها أدى إلى قلة الاهتمام بقضية حجاب الرجال وحكم إظهار الرجال بملابس غير لائقة وغير إسلامية. نحن تحدثنا مع حجة الإسلام والمسلمين علي أكبر صافي أصفهاني، أحد كبار مدرسي الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، حول حكم إظهار الرجال عراة أو شبه عراة في وسائل الإعلام. صرح الرئيس السابق لمركز العلامة المجلسي التخصصي في أصفهان بوضوح أنه مهما فكر فإنه لا يفهم فلسفة بعض فتاوى الفقهاء. تفاصيل هذا الحوار مع هذا المدرس والباحث في الحوزة العلمية في أصفهان كما يلي؛

ما حكم تغطية الجسم الإلزامية للرجال؟

الأستاذ صافي أصفهاني: إن ما أعلمه أن الحجم الواجب في لباس الرجل الشرعي مسألة، والنظر إلى جسد الرجل شبه العاري مسألة أخرى، وكلاهما يجب أن يخضعا للفحص والتحليل والتمحيص على التوازي. ويبدو أن أغلب الفقهاء أفتوا بتحريم النظر إلى جسد الرجل العاري أو شبه العاري ـ حتى خارج العورة التي أجمعوا على تحريمها ـ بل وحرموا حتى أن تنظر المرأة بنظرة شهوانية إلى أجزاء من جسد الرجل لا تكون مغطاة عادة وتبقى مكشوفة. وفي حالة المثليين جنسيا، حرم الفقهاء أيضا أن ينظر الرجل بنظرة شهوانية إلى غيره من الرجال، غير عورة الرجل ـ على الرغم من اختلاف مدى عورة الرجل، وأوسع مدى وأحوطه من السرة إلى الركبتين٠

هل فتاوى كثير من الفقهاء، ومنهم المحقق الخوئي، الذين يرون وجوب ستر الرجل لعورته، نافذة في مجتمع اليوم؟

الأستاذ صافي اصفهاني: إذا ذكر الفقيه العورة فقط كمقدار وجوب ستر الرجل لعورته، فينبغي النظر في فتاواه الأخرى؛ لأن الفقيه نفسه، رداً على سؤال نظر المرأة إلى جسد الرجل شبه العاري، أي نظر المرأة إلى غير عورة الرجل، حكم أيضاً بتحريم ذلك، وحتى نظر المرأة إذا كان مشوباً باللذة والشهوة أو حتى يؤدي إلى فساد الشهوة الجنسية، إلى أجزاء من جسد الرجل غير المغطاة تقليدياً، لا يعتبر خالياً من المشاكل٠

بالنظر إلى فتاوى الفقهاء، ما حكم عرض أجساد الرجال العارية أو شبه العارية في وسائل الإعلام؟

الأستاذ صافي اصفهاني: في مجال الإعلام، بما أنه لا يوجد نظر مباشر، فإن فتاوى بعض الفقهاء في مسألة نظر المرأة إلى جسد الرجل شبه العاري، إذا كان خالياً من الشهوة أو فساد الشهوة، جائز٠

هل هناك فرق في أحكام إظهار أجساد الرجال بين البث المباشر وغير المباشر؟ وإذا كانت الإجابة بنعم، فما سبب هذا الفرق؟

الأستاذ صافي اصفهاني: هناك آراء مختلفة أيضاً حول البث المباشر وغير المباشر لأجساد الرجال في وسائل الإعلام، ويرى البعض أنه إذا تم بث مباريات كرة القدم ونحوها على الهواء مباشرة، فإن بث الصورة مباشرة والنظر إليها من الناحية الدينية هو بمثابة النظر المباشر إلى جسد الرجل الأجنبي، وبما أن النظر المباشر إلى جسد الأجنبي، حتى لو كان بدون قصد التلذذ، محرم ومأثم من الناحية الدينية، فإن رؤية المرأة لأجساد الممثلين في البث المباشر محرم ومأثم. ولكن إذا لم يكن بثاً مباشراً، بل بث صوراً مسجلة على فيلم، فإن النظر إلى صورة وجسد الأجنبي من خلال الفيلم لا يكون له حكم النظر إلى جسد الأجنبي مباشرة، فلا إشكال إذا لم يكن بقصد التلذذ أو الشهوة، وعليه فالفرق الأساسي بين البث المباشر وغير المباشر هو أن البث المباشر لفيلم الممثلين يعتبر من الناحية الشرعية رؤية ونظراً لأجسادهم، أما رؤية الصورة فلا تعتبر نظراً إلى جسد الأجنبي، بل هي نظر إلى صورة فوتوغرافية٠

مهما فكرت في الأمر فإنني لا أفهم الفرق بين البث المباشر والبث غير المباشر، ومع كل احترامي لهؤلاء الفقهاء ومع كل اعترافي بجهلي الفقهي فإنني أعتقد أنه حتى في البث المباشر فإن الصورة التي تشاهدها تصل إليك من خلال الكاميرا والانتقال السريع والمستمر للصور المأخوذة من مشهد ما، مثل المصارعة، وبالتالي يجب أن يكون لها نفس حكم مشاهدة صورة أو فيلم تم التقاطه مسبقًا، ولا يمكن اعتبار هذا الفيلم الذي يبث في نفس الوقت من ملعب رياضي نظرة مباشرة وفورية لجسد الرجل، ولعله لو تم شرح تقنية التصوير والفيلم بشكل واضح لهؤلاء الفقهاء المحترمين لما رأوا أي فرق بين الفيلم المباشر وغير المباشر من حيث الحرمة أو عدم الحرمة٠

هذا الحوار جزء من المجلة الإلكترونية “أصول فقه الأداء” والتي تم إنتاجها بالتعاون مع مدرسة فقه الفنون وموقع شبكة الاجتهاد٠