إشارة: إن تنفيذ القوانين، إن لم نقل إنه يتطلب صعوبات ودقة أكثر من سن القانون، فلن نكون قد بالغنا. وعندما نتناول موضوعًا مهمًا وعامًا وحساسًا مثل الفضاء الافتراضي، فإن هذه الدقة والحساسية تزداد أكثر. هل لتنفيذ القوانين في الفضاء الافتراضي ملاحظات خاصة؟ هل طرح علم الفقه نصائح معينة حول طريقة تنفيذ القوانين؟ إجابة د. محمد حسين ظريفيان على كلا السؤالين إيجابية. الدكتور ظريفيان، الذي يمتلك إلى جانب دراسته في الحوزة العلمية شهادة الدكتوراه في إدارة الإعلام، وله خبرة رئاسة مركز الأبحاث الإسلامية للإعلام، يرى أن بعض القواعد الفقهية والأصولية مثل مرجحات باب التزاحم يمكن تطبيقها على قضايا تنفيذ القوانين. تفاصيل الحوار الخاص مع الفقه المعاصر مع الأستاذ المساعد في حرم فارابي بجامعة طهران تأتي كالتالي:
الفقه المعاصر: هل هناك ملاحظات فقهية لتنفيذ القوانين المتعلقة بالفضاء الافتراضي؟
ظريفيان: إحدى الحالات التي تُثار فيها الملاحظات الفقهية بشأن قانون ما في مرحلة التنفيذ هي تعارض هذا القانون مع قانون آخر أو مع حكم شرعي آخر أثناء التنفيذ. على سبيل المثال، كان لدينا قانون يحظر استخدام معدات استقبال القنوات الفضائية، وبسبب النهج الموحد، نواجه في بعض الحالات نفس النوع من التطبيق في الفضاء الافتراضي. لنفترض أن هذا القانون يتعارض في مرحلة التنفيذ مع قوانين أخرى، مثل حقوق المواطنة وغيرها، وترى أن هذا التعامل غير فعّال. هنا يجب دراسة المسألة بعناية. على سبيل المثال، إذا كان مصدر هذا القانون هو التظاهر بالفعل الحرام، بمعنى أن وجود معدات الفضائيات على الأسطح والجدران والشرفات يُعد تظاهرًا بالفعل الحرام وله حرمة، فقد يتغير الحكم إذا تم تخزين المعدات أو إخفاؤها، أو تغيير المعدات إلى أجهزة تُستخدم داخل المنزل دون ظهور خارجي، مثل استقبال القنوات الفضائية عبر الإنترنت. ناهيك عن أن معدات ستارلينك قد غيّرت كل هذه المعادلات.
ومن بين الأمور التي تثير الملاحظات الفقهية في مرحلة تنفيذ القانون هي المرجحات المتعلقة بباب التزاحم. على سبيل المثال، في قضية الحجب، إحدى النقاط هي تقديم الأهم على المهم، حيث يختلف بعض الأفراد مع آخرين حول مصاديق الأهم وحول مصاديق المهم.
الفقه المعاصر: هل يمكن أن نأمل في تنظيم الفضاء الافتراضي بقوانين مع الفتاوى التي تضع قيودًا على الالتزام بالقوانين الحكومية ولا تجعلها واجبة بشكل مطلق؟
ظريفيان: حتى لا يواجه المقلّد لمرجع يضع قيودًا على الالتزام بالقوانين الحكومية مشكلة في اعتباره ملزمًا بهذه القوانين، يبدو أن على المشرّع، عند سن القانون، أن يضع القانون بنظرة شاملة، وبقدر الإمكان مع مراعاة قيود المراجع الأخرى. لكن، بالطبع، في حالات التعارض، فإن فتوى الحاكم الإسلامي لها الأولوية. ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى أنه عندما يكون لدينا مجلس صيانة الدستور الموقر بحضور فقهاء بارزين يملكون الكلمة الأخيرة في عملية مراجعة وتأكيد قرارات مجلس الشورى الإسلامي، فإن مثل هذه الحالات نادرة بطبيعتها ولها حلول.
الفقه المعاصر: من الناحية الفقهية، إذا اعتبر منفذ القانون أن قانونًا ما يتعارض مع الشرع أو فتوى مرجع تقليده، هل يمكنه الامتناع عن تنفيذه؟
ظريفيان: لا يمكنه الامتناع عن تنفيذ القانون لعدة أسباب: أولاً، هذا الامتناع يؤدي بوضوح إلى الفوضى، والفتوى التي تؤدي إلى الفوضى غير مقبولة. ثانيًا، إحدى القواعد الفقهية هي قاعدة الإلزام، فكلنا عندما نقبل العيش في مجتمع، نعتبر أنفسنا كأفراد في المجتمع ملزمين بالقوانين ويجب علينا الالتزام بجميع القوانين. ثالثًا، في موضوع الاجتهاد والتقليد، هناك احتمال أنه ليس من الضروري تقليد الأعلم، بل في حالات التعارض بين الفتوى والقانون، بما أن القانون مستند إلى فتوى، يمكن للفرد اتباع القانون. وبالطبع، أرى من الضروري التذكير بوجود مجلس صيانة الدستور الموقر وتواجد فقهاء بارزين فيه.
الفقه المعاصر: من الناحية الفقهية، ما حكم عدم التزام منفذي القانون والمسؤولين في البلاد بالقوانين المتعلقة بالفضاء الافتراضي، مثل استخدام منصات محجوبة؟
ظريفيان: إذا كان القانون عامًا ويشمل الجميع، بما في ذلك المسؤولون، فإن مخالفة هذا القانون غير جائزة. ولكن قد يكون هناك قانون عام يشمل في الظاهر المسؤولين أيضًا، أو بشكل أوسع، يشمل النخب أو الخواص في المجتمع، لكن هذا القانون العام قد يكون قد خضع لتخصيص، بحيث يمكن لأي فرد يندرج تحت هذه التخصيصات ألا يلتزم بهذا القانون العام.
فيما يتعلق بالمنصات المحجوبة، إذا استثنى المسؤولون من حظر الاستخدام بناءً على رأي المشرّع أو لأي سبب آخر، فلا مانع من هذا الاستخدام، كتقديم الأهم على المهم؛ مثل نشر الحقائق في منصات تسودها الأفكار الباطلة والمنحطة، والتي تحولت إلى قواعد لنشر الباطل وتضليل الناس عن سبيل الله، فيجب أن يُسمع صوت الحق وأهل الحق فيها أيضًا، أو تقديم حكم لا بديل له على حكم له بديل. ينطبق هذا على بعض المنصات مثل إنستغرام، فيسبوك، تويتر، وتيليغرام، التي لم نتمكن حتى اليوم من إيجاد بديل فعال لها، والتي، من حسن الحظ، لها تأثير عالمي كبير. بالطبع، افتراضنا أن المشرّع قد اتخذ قرار الاستثناء فعلاً ومع مراعاة المصالح والمفاسد العامة وبدون إدخال المصالح الشخصية، وافتراضنا أيضًا أن الفاعل الذي يعتبر نفسه مصداقًا للتخصيص لديه الكفاءة والقدرة اللازمة لاتخاذ إجراءات جادة في ذلك الفضاء.
