الحجة الإسلام والمسلمين سيف الله صرامي في حوار خاص مع «معهد الدراسات الفقهية المعاصرة»:

عناوین الحرمة فی فقه الفنون/14

لم نجد في الأدلة الفقهية ما يشير إلى أن فنًا ما، بما هو فن، قد حظي بالتشجيع. بالطبع، يمكن استنباط جواز نظم الشعر من قيام أهل البيت عليهم السلام به (إذا ثبت ذلك)، أو من نظمه في حضرتهم دون نهي منهم، لكن استنباط استحبابه أو كونه مرغوبًا فيه يتطلب قرائن إضافية.

الحجة الإسلام والمسلمين سيف الله صرامي قد اتجه منذ سنوات إلى فقه الفن، وإلى جانب تأليفه لعدة مقالات في هذا المجال، أجرى دراسات حول الفن. ويعد «فقه الفن» أحد أهم البرامج الكبرى للمعهد البحثي الذي يديره (معهد الفقه والحقوق في معهد العلوم والثقافة الإسلامية). وبهذه المناسبة، أجرينا معه حوارًا حول العناوين التي تؤدي إلى حرمة الأعمال الفنية. يرى عضو مجلس معاهد معهد الدراسات الفقهية المعاصرة أن هناك أربعة عناوين فقط تم ادعاء حرمة مصاديقها الفنية، وإن كانت حرمة هذه العناوين نفسها محل نزاع. وفيما يلي نص الحوار الخاص الذي أجراه معه معهد الدراسات الفقهية المعاصرة مع هذا الأستاذ والباحث في الحوزة العلمية بقم:

الفقه المعاصر: ما هو الأصل الأولي في الحكم الفقهي لإنتاج واستخدام الأعمال الفنية؟

صرامي: قبل سنوات، نُشرت مقالة لي بعنوان «إعادة بحث دور الدافع والمحتوى في حلية وحرمة الفن، خاصة في الغناء» في مجلة إلهيات الفن، العدد الثالث، شتاء ١٣٩٤ هـ.ش، وفي مجموعة مقالات المؤتمر الأول لفقه الفن. شرحت فيها أن الأصل الأولي في عنوان الفن هو الحلية؛ لأننا لا نملك أي دليل عقلي أو نقلي يجعل عنوان الفن بذاته، سواء في جانب الإنتاج أو الاستخدام أو النشر، موضوعًا للحرمة. لذا، يمكن الرجوع إلى أصل البراءة واستنتاج الحلية.

الفقه المعاصر: ما هي العناوين التي تؤدي إلى ترتب حكم الحرمة، أو على الأقل المذمومية، الكراهة، أو عدم الرجحان في إنتاج ونشر واستخدام الأعمال الفنية؟

صرامي: في الأدلة الفقهية، ذُكرت أربعة عناوين في هذا السياق. قد يقول أحدهم للوهلة الأولى إن إنتاج هذه العناوين الأربعة من الفنون حرام، وبالطبع إذا كان الإنتاج حرامًا، فإن الاستخدام والنشر سيكونان حرامين تبعًا لذلك؛ لأنه بناءً على تناسب الحكم والموضوع، عندما يكون إنتاج شيء حرامًا، فإنه عادةً وعرفًا يكون كذلك لكي لا يُستخدم، وبالتالي يكون نشره حرامًا أيضًا. وفي غير هذه الحالات، الأصل الأولي هو الجواز كما ذكرنا. لم نجد في الأدلة الفقهية ما يشير إلى أن فنًا ما قد حظي بالتشجيع. بالطبع، يمكن استنباط جواز نظم الشعر من قيام أهل البيت عليهم السلام به (إذا ثبت ذلك)، أو من نظمه في حضرتهم دون نهي منهم، لكن استنباط استحبابه أو كونه مرغوبًا فيه يتطلب قرائن إضافية. وإذا اعتبرنا الجمال المطلق عنصرًا أساسيًا للفن، فقد يمكن من بعض الأدلة والقرائن استنتاج ترجيح الجمال المطلق أو استخدامه في بعض الحالات، كتحسين الصوت في قراءة القرآن الكريم.

الأربعة عناوين المذكورة التي يمكن بحث حرمة مصاديقها في المصادر والنصوص الفقهية هي: الغناء، التصوير (بما في ذلك النحت والرسم)، استخدام آلات اللهو، والرقص. للوهلة الأولى، يبدو أن هذه العناوين الأربعة مستثناة من الأصل الأولي؛ لكن هناك نقاش حول: أولاً، ما مدى صحة سند الأدلة التي تدل على الحرمة؟ ثانيًا، هل دلالتها على الحرمة أم على عدم الترجيح؟ ثالثًا، هل هذه العناوين محرمة بوصفها فنًا أم بسبب استخدامها في أمور محرمة أخرى؟ على سبيل المثال، في التصوير، هل التصوير نفسه حرام أم إجراؤه بمحتوى معين هو المحرم، كالرسم بمحتوى يتضمن الشرك، أو الاستهزاء بالآخرين، أو للترويج لأمر باطل؟ لقد بحثنا هذه النقطة المهمة في العناوين الأربعة في المقالة المذكورة.

في هذه العناوين الأربعة، وبحسب بحثي، فإن الغناء فقط، بوصفه غناءً وفنًا، هو المحرم. والغناء يعني الصوت بأسلوب معين، وتعريفه يحتاج إلى تفصيل يتضمن اختلافات كثيرة. وعلى أي حال، لا يُطلق الغناء على الصوت الناتج عن الآلات الموسيقية أو صوت الحيوانات على سبيل المثال.

أما بالنسبة للعناوين الثلاثة الأخرى، فيبدو أنها جميعًا متعلقة بالمحتوى؛ أي أنها لم تُحرم بوصفها فنًا بذاتها، بل بسبب استخدامها في أمور محرمة. على سبيل المثال، حرمة آلات اللهو ترجع إلى استخدامها في طريق اللهو، وهو عنوان محرم. كذلك، الرقص يصبح حرامًا بسبب كونه لهوًا، أو بسبب اختلاط الرجال والنساء، أو أمور أخرى، وإلا فالرقص بذاته، وبوصفه فنًا، ليس حرامًا. لذا، في هذه العناوين الثلاثة، الأصل في الإنتاج والاستخدام والنشر هو الحلية.

الفقه المعاصر: هل هناك عناوين مستحدثة، غير تلك المذكورة في النصوص، تؤدي إلى حرمة إنتاج أو نشر أو استخدام نوع من الفنون عند تطبيقها عليه؟

صرامي: هذا السؤال غامض بعض الشيء. إذا كان المقصود بالعناوين المستحدثة هو عناوين غير عنوان الفن نفسه تؤدي إلى الحرمة، مثل اللهو، اختلاط الرجال والنساء، الغيبة، الاستهزاء، الافتراء، تحقير المؤمن، إيذاء المؤمن، ترويج الفاحشة، وما شابه، والتي قد تُطبق أحيانًا على أنواع مختلفة من الفنون وأحيانًا لا تُطبق؛ في هذه الحالة، لا يمكن القول إن هذه العناوين مستحدثة، بل كانت موجودة من قبل، وإن لم تكن تُطرح بوصفها فنًا، بل كانت دائمًا تُطرح كعناوين ملازمة للفن.

أما إذا كان المقصود بالعنوان المستحدث هو عنوان فني مستحدث، كما أن الفنون في تاريخ الفن كانت في وقت ما أربعة أنواع، ثم أصبحت سبعة، وبعضهم جعلها أحد عشر نوعًا؛ في هذه الحالة، يجب القول إن كل هذه تدخل في الأصل الأولي للحلية؛ لأنه ما دام لم يُقم دليل معتبر على حرمة أحد هذه الأنواع من الفنون، فلا يمكن الحكم بحرمتها، وبالتالي تبقى داخلة في أصل الحلية.

الفقه المعاصر: هل الحكم بمصداقية أو عدم مصداقية أنواع الفنون لهذه العناوين المحرمة أو غير الرائجة يقع على عاتق الفقيه، أم العرف العام، أم كل مكلف على حدة؟

صرامي: هذا السؤال لا يتعلق بالفن بشكل خاص، بل هو سؤال عام وشامل. يمكن طرح هذا السؤال في جميع أبواب الفقه، وهو سؤال مهم جدًا.

التوضيح: لدينا الحكم، الموضوع، والمتعلق. ولكل من هذه الثلاثة مفهوم ومصداق يمكن تصوره. على سبيل المثال، في العبارة «شرب الخمر حرام»، الخمر هو الموضوع، الشرب هو المتعلق، والحرمة هي الحكم. العبارة «شرب الخمر حرام» هي عبارة كلية، لكن لكل من هذه العناصر مصداق جزئي أيضًا، مثل خمر معين، شرب معين، وحرمة معينة تترتب على هذا الشرب المعين والخمر المعين. في هذه القضية الكلية، بيان الحكم بشكل عام يقع على عاتق الشارع. أما الموضوع والمتعلق الكلي فيُترك عادةً للعرف. على سبيل المثال، يقول الشارع بشكل عام: «شرب الخمر حرام»، لكنه يترك بيان مفهوم الخمر والشرب للعرف. ومع ذلك، في بعض الحالات، يتدخل الشارع بنفسه ويغير المفهوم؛ على سبيل المثال، يقول: «الفقاع خمر». عندما يغلي الزبيب قليلاً، فمن الناحية العلمية والكيميائية ليس خمرًا، لكنه قد يكون له تأثير مسكر. هنا يقول الشارع: هذا أيضًا من المحرمات، أي ألحقوه بالخمر في الحرمة. أو مثلاً، قد يعتبر العرف شيئًا ما ماءً مضافًا، لكن يتدخل الشارع ويقول: لا، هذا ليس ماءً مضافًا بشكل خاص، بل هو ماء مطلق، فيمكنك الوضوء به والتطهر.

كما ذكرنا، لكل من الموضوع، المتعلق، والحكم مصاديق أيضًا، وتحديد هذه المصاديق يقع في البداية على عاتق المكلف، لكن المكلف إذا حار يمكنه الرجوع إلى العرف.

وفي حالة الفن، الأمر كذلك. على سبيل المثال، يُكتب في الرسائل العملية أن الغناء حرام، ثم يُعرف الغناء عرفًا بأنه كذا وكذا. في حالة الغناء، هناك اختلاف حول ما إذا كان تحديده يعود إلى العرف أم أنه من الحالات التي تدخل فيها الشارع وحدد مفهومه.

على أي حال، تحديد المصداق يقع أولاً وبذاته على عاتق المكلف.

Source: External Source